19/05/2024
مقالات وآراء

وساطة عراقية بين طِهران_القاهرة .. من سيمُدُّ يده للمُصافحة أولاً؟

photo ٢٠٢٢ ٠٩ ١٧ ١٦ ٣٢ ١٨ 14 551x431 1

“الألم الذي نتحمله من أجل صديق، هو راحة”
مثل فارسي قديم ..

من المُفيد أن نُذكّر أنفسنا بأنّه مهما اختلف الإخوان أو الأصدقاء، فليس معنى ذلك الاختلاف القطيعة والعداء وإن حدث، فلا يلبث أن يُعودوا أفضل مما كانوا عليه ..

الذي يجمع إيران ومصر أكثر مما يُفرقُهما ..
مصر جمال عبد الناصر
مصر العروبة والدفاع عن فلسطين الدولة والشعب .. لم تتخلّ عنهما القاهرة في ذروة أزماتها مع الغرب ومع الكيان الصهيوني ..

إيران الثورة الإسلامية التي قامت، ونهضت معها كل عناوين التضحية والفداء لفلسطين وأرضها ومُقدّساتها وشعبها، فكانت أكثر حضوراً من أي شيء في الفكر الثوري الإيراني وكذلك الفكر الثوري المصري ..

إذًا ما عُدنا إلى الوراء بمقدار أربعة عقود، وأعني بذلك زمن الثورة الإسلامية في إيران .. كانت القاهرة قد قطعت علاقاتها مع طِهران على خلفيات دينية مُختلفة من حيث الطائفة، ولا أقصد بذلك التّوصيف سُبَّةً أو إثارةً للتّفرقة الطائفية بين الشعبين المصري والإيراني .. بالعكس إنما هو لتكريس بعض الحقائق التي ربما غابت عن أذهان الكثيرين ممن لا يعلمون من القول إلا ظاهره ..
اتُّهمت إيران وقتها بتغذية بعض الجماعات المُتطرّفة في الداخل المصري، وكان هناك تخوُّف من (المدّ الشيعي) كما عُبّر عنه حينها وتغلغُلِهِ في تفاصيل المصريين ..
كُل هذا كان بسبب الفكر الوهابي السعودي الذي يُشيطِن إيران وبتهمها بزعزعة استقرار البُلدان العربية وبأنّ السيد روح الله مؤسس الثورة الإسلامية أراد أن يتمدّد في المُحيط العربي ويُصدّر مبادئ الثورة إليه ..
وللتاريخ، أنا هنا لَستُ مدافعاً عن النظام الإيراني بقدر ما أعرض قراءتي للتاريخ الصحيح؛
كانت دعوة السيد روح الله العالم العربي أن يتم إنشاء (اتّخاد عربي) على غِرار الاتّحاد الأوربي .. لتكون الأمم العربية يداً واحدة وكتفاً إلى كتف ضد كل مُستعمر طامع سواء الأميركي أو البريطاني أو الفرنسي .. وكان الهدف، كيفية التعامل مع الغُدة السرطانية (الكيان الصهيوني) وإزالته من جسد الأُمّة العربية ..
إلا أنّ مصر وبسبب الضغوط الكبيرة التي واجهتها بعد اتّفاق (كامل ديفيد) وتواطئ السادات مع الصهاينة بحُجّة (اتّفاق سلام)، إستطاع الإسرائيليون ومعهم الأميركيون من تحييد الدور. المصري الفعّال في قضايا الأمة العربية وعلى وأسها القضية الفلسطينية ..

على مر العقود الأربعة كان هناك تعنُّت مصري من إرجاع العلاقات الدبلوماسية بينها وبين إيران ، الآن، نحن نشهد بداية جديدة في استئناف العلاقة بين القاهرة وطِهران وهذه المَرّة بوساطة عراقية وبمُبادرة عراقية تقدّم بها السيد رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني على هامش (قمة بغداد 2) التي أُقيمت في العاصمة الأردنية عمّان إلى كُل من وزير الخارجية الإيراني عبد اللّهيان ووزير الخارجية المصري سامح شُكري فقابل الوزيران المُبادرة بالقبول ..

اللقاء سيكون على الأرض العراقية وبرعاية عراقية، وهذا الأمر يُعد أمراً جيداً .. لأنه يعني بأنّ العراق يحظى بمقبولية لدى الطرفين المصري والإيراني ..
وجيدٌ بالنّسبة إلى العراق ليعود إلى دوره المحوري والفاعل في قضايا المنطقة العربية .. خاصة. وأنه احتضن أيضاً في وقت سابق الحوار (الإيراني-السعودي) على أراضيه ..
وبهذا سيُؤسس له مكانة في الصدارة، صدارة الأحداث والقضايا المُهمة التي ترتبط بمصير الشعوب العربية ..

فإلى أي مدى يمكن للعراق لعب هذا الدور في حلحلة الأزمات العربية؟
وما هي الأدوات التي ستُمكّنُه من لعب أدوارٍ أكبر وملفات شائكة ومُعقّدة أكثر؟

هذا كله رهنٌ بخطوات السيد السوداني بالتّحرُّك باتّجاه القضايا العربية بنفس المقدار الذي يتحرّك به في القضايا الداخلية ..

الاعلامي عادل موسى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *